لكي يظهر لنا بعض فضل رسول الله علينا نذكر في هذا المقام سيدنا إبراهيم عليه السلام
وهو نبي كريم ، وأبو الأنبياء ومع ذلك كان دائماً يدعو الله ويقول في دعائه :
{وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ{87} يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ{88} إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ{89} الشعراء
أي كل الذي أطلبه منك أن تسترني ، ولا تفضحني في يوم الموقف العظيم ، لأن الفضيحة في هذا اليوم على الملأ
أنت ومن؟ لم يقل إلا أنا وحدي ، ولم يقل حتى أولادي ، أو أنا وأهل بيتي ، بل قال ولا تخزني - أنا وحدي - يوم يبعثون
يوم لا ينفع مال ولا بنون ألا من أتى الله بقلب سليم
أما الحبَيب صلى الله عليه وسلم حتى تعرفوا فضل الله علينا به صلى الله عليه وسلم
فقد قال الله له من أول الأمر وبدون طلب لا تخف على نفسك ولا على من معك {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ}
والمؤمنون معه ليسوا الذين في زمنه فقط ، ولكن الذين معه إلى قيام الساعة ،
وكيف حالهم في هذا اليوم؟ قال { نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ}التحريم8
نورهم صلى الله عليه وسلم أمامهم ، ونور أعمالهم الصالحة في أيديهم ، فهو أمامهم وهم خلفه
والنور الثاني نور العمل الصالح سيكون في أيديهم ، فمعهم نوران : نور رسول الله
ونور العمل الصالح الذي عملوه لله في هذه الحياة
ويظلون سائرين وهم يطمعون في أكثر من ذلك ، من فضل الله علينا الذي بشرنا به النبي صلى الله عليه وسلم والذي منه :
{أذا كَانَ يَوْمَ القِيَامَة ، تَفْسَحُ الأمَمُ لأمَّتِى ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ تَقَدَمُوا ، فَأنْتُمْ الأخِرُونَ الأوَّلُون}[1]
ثم يتساءلون فيما بينهم أأنبياء هؤلاء؟ لأن الناس لا تفسح إلا للأنبياء ، فالملائكة تأمرهم أن يوسعوا لهذه الأمة
وأمامهم إمامهم صلى الله عليه وسلم ، ونحن خلفه ، والخلائق ينظرون إليهم حتى يصلون إلى العرش
فنحن أول أناس يصلون عند العرش ، لأننا الحاجزون لهذه المقاعد التي في منصة عرش الرحمن ، والتي في ظل العرش
فقد حجزها رسول الله لنا ، ولا يوجد لأحد آخر غيرنا فيها نصيب
فقسم لمن نشئوا في طاعة الله , وقسم لمن يحافظوا على الصلاة في بيت الله , وقسم لمن ينفقوا الصدقات والزكاة في السر
فلا تعلم شمالهم ما أنفقت يمينهم , وقسم لمن خافوا من الله فلو عرض على أحدهم مال أو امرأة ، قال : أنى أخاف الله
فالأقسام كلها ، وتذاكر المقاعد كلها محجوزة لأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
والدرجة الأولى الممتازة هناك هي التي تحت العرش ، فلا بد أن تفسح الناس للذين سيجلسون على مقاعد الدرجة الأولى
ويقولون : أأنبياء هؤلاء؟ فيقولون لهم : لا ، ولكنهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم
وفور وصولهم هناك ، يكونون أول من يتكلم مع الله ، فيقولون له : نحن لا نريد الذي أعطيته لنا هذا فقط
بل نطمع فيما وعدتنا ، وما هو؟ فيقولون {رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} التحريم8
فيتمُّ نوره عليهم ، بأن يكشف لهم سبحانه وتعالى عن بديع وجهه ، فيرون وجه الله سبحانه وتعالى
ومن شاهد وجه الله حرَّمت عليه النار ، فرسول الله صلى الله عليه وسلم أليس المفروض علينا أن نعرفه؟
إذا أرسلك رجلٌ ، لرجل في القاهرة بطلب وأنت لا تعرفه ؛ فتقول له صفه لي ، حتى أذا رأيته أعرفه
ونحن كلنا يوم القيامة محتاجون له ، فلا يوجد أحد منا إلا ويحتاج إلى رسول الله
فالذي نال أعلى الدرجات في الإيمان منَّا ، محتاج إلى رسول الله ، والذي درجاته دون ذلك يحتاج أيضاً لرسول الله
حتى الذي سينزل منَّا في النَّار , وسيأخذ عقابا يحتاج لرسول الله ، لأنه سيخفِّف عنه ، ويرفع عنه العقاب
ويخرجه من هذا السجن فكلنا محتاجون لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونريد أن نعرفه
نعرف صفاته ونعرف أوصافه حتى إذا ذهبنا هناك لا نتوه عنه صلوات الله وسلامه عليه
ومن الممكن لو أننا وضعنا هذه الصفات في عقولنا ، وانشغلنا بها بعض الشيء يأتينا في المنام ، ويعرفنا بنفسه
حتى نصبح عارفين له مقدماً ، لأنه يقول {مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ}[2]
متى سنراه؟ هناك يوم القيامة ، أو ساعة خروج الروح
فالناس الممتازون يحضر معهم ليسهل خروج الروح وينهى أوراقهم بسرعة ليطلعوا إلى الجنَّات
فلا سؤال الملكين ، ولا عذاب القبر ، لمن يحضرهم مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن لهم استثناء فوري
[1] رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما
[2] في الصحيحين وأبو داود عن أبي هريرة ، والطبراني عن أبي بكر ، والدرامي عن قتادة على روايات
منقول من كتاب {حديث الحقائق عن قدر سيد الخلائق}
اضغط هنا لتحميل الكتاب مجاناً